[center]
لما اقبل الليل زجلسوا ثلاثتهم يتسامرون اخذت شهرزاد تكمل حديثها عما حدث عندما راى مزين بغداد الملقب بالصامت
الاحدب المقتول
وقد قالت : بلغني أيها الملك السعيد ذو الراى الرشيد
أن الملك قال: يا صامت احك لنا سبب كلامك هذا فقال: فضحك وقال انه لم
يمت و أخرج من وسطيه مكحلة بها دهن
ودهن به رقبة الأحدب ثم اخذ ملقاط من
حديد وادخله فم الاحدب فاخرج قطعة السمك بعظمها حتىرآها الناس فنهض
الأحدب
واقفاً على قدميه وعطس واستفاق في نفسه وملس بيديه على وجهه وقال: لا إله
إلا الله محمد رسول الله فتعجب
الحاضرون من الذي رأوه وعاينوه، فضحك ملك
الصين وكذلك الحاضرون وقال السلطان: والله إن هذه القصة عجيبة ما
رأيت
أغرب منها يا جماعة العسكر، هل رأيتم في عمركم أحداً يموت ثم يحيا بعد ذلك
ولولا رزقه الله بهذا المزين لكان
اليوم من أهل الآخرة فإنه سبباً لحياته
فقالوا: إن هذا من العجب العجاب فعفا الملك عنهم جميعا واجزاهم من
ماله ولم يزالوا في ألذ العيش وأهناه إلى أن آتاهم
هازم اللذات ومفرق
الجماعات وسكتت برهة شهرزاد فاعتدل شهريال من جلسته وقال اهذا ما عندك
الليلة
فقالت هون عليك سيدى انها ليست باعجب من قصة الوزيرين، التي فيها ذكر
أنيس الجليس فقال الملك متبسما حديثينا
يا اعجب ما رايت فى ملكى ما حكاية
هذين الوزيرين؟
فقالت: بلغني أيها الملك السعيد أنه كان بالبصرة ملك من الملوك يحب
الفقراء والصعاليك ويرفق بالرعية ويهب من ماله
لمن يؤمن بمحمد صلى الله
عليه وسلم وكان يقال لهذا الملك محمد بن سليمان الزيني وكان له وزيران
أحدهما يقال له
المعين ابن سا وي والثاني يقال له الفضل بن خاقان وكان
الفضل ابن خاقان أكرم أهل زمانه أجمعت القلوب على محبته،
واتفقت العقلاء
على مشورته وكان الوزير معين بن ساوي يكره الناس ولا يحب الخير وكان محضر
سوء، وكان الناس
على قدر محبتهم لفضل الدين ابن خاقان يبغضون المعين بن
ساويا
وفى يوما من الايام والملك على كرسي مملكته وحوله أرباب دولته إذ
نادى وزيره الفضل بن خاقان وقال له: إني أريد
جارية لا يكون في زمانها
أحسن منها بحيث تكون كاملة في الجمال فقال أرباب الدولة: هذه لا توجد إلا
بعشرة آلاف
دينار
فعند ذلك صاح السلطان على الخازندار وقال: احمل عشرة آلاف دينار، إلى
جار الفضل بن خاقان فامتثل الخازندار أمر
السلطان ونزل الوزير بعدما أمره
السلطان أن يعمد إلى السوق في كل يوم ويوصي السماسرة على ما ذكره وأنه لا
تباع
جارية ثمنها فوق الألف دينار حتى تعرض على الوزير فلم تبع السماسرة
جارية حتى يعرضوها عليه فامتثل الوزير
أمره، واستمر على هذا الحال مدة من
الزمان ولم تعجبه جارية فاتفق يوماً من الأيام أن بعض السماسرة أقبل على
دار
الوزير الفضل بن خاقان فوجده راكباً متوجهاً إلى قصر الملك فقبض على
ركبتيه و قال: يا سيدي إن الجارية التي صدر
بطلبها المرسوم الكريم قد حضرت
فقال له الوزيرعلي بها
فغاب ساعة ثم حضر ومعه الجارية
فلما رآها الوزير أعجبته غاية الإعجاب فالتفت إلى السمسار وقال له: كم
ثمن هذه الجارية؟ فقال: وقف سعرها على
عشرة آلاف دينار وحلف صاحبها أن
العشرة آلاف دينار لم تجيء ثمن الخلع التي خلعتها على معلميها فإنها تعلمت
الخط والنحو واللغة والتفسير وأصول الفقه والدين والطب والتقويم
فقال الوزير علي بسيدها فأحضره السمسار في الوقت والساعة فإذا هو رجل أعجمي عاش زمناً طويلاً حتى اصبح هرما
فقال له الوزير: ارضيت أن تأخذ في هذه الجارية عشرة آلاف دينار من
السلطان محمد بن سليمان الزيني؟ فقال
العجمي: ان كانت للسلطان فالواجب علي
ان أقدمها إليه هدية بلا ثمن
فعند ذلك أمر بإحضار الأموال فلما حضرت وزن الدنانير للعجمي ثم
فقال: مولاى عندي من الرأي أن لا تطلع بهذه
الجارية إلى السلطان في هذا
اليوم فإنه قادمة من السفر واختلفت عليها الهواء وأتعبها السفر ولكن
احبسها عندك في
القصر حتى تستريح فيزداد جمالها ثم اطلعها إلى السلطان
فيكون لك في ذلك الحظ الأوفر، فتأمل الوزير كلام العجمى
فوجده صواباً فأتى
بها إلى قصره وأخلى لها مقصورة ورتب لها كل ما تحتاج إليه من طعام وشراب
وغيره فمكثت مدة
على تلك الرفاهية وكان للوزير الفضل ولد
وكان لا يعلم بوجودهذه الجارية وكان والده أوصاها وقال لها: يا بنتي اعلمي أني ما اشتريتك إلا للملك
وان لى ولدى حاولى ان تتحاشيه فهو لن يتركك الى سبيلك فاتفقت معه على ذلك واخذ الوعد منها
وهنا ادرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح
ولكم التحية
يتبع