جحيم وكبرياء الاعضاء
عدد المساهمات : 623 نقاط : 1430 تاريخ التسجيل : 02/04/2010 العمر : 34
| موضوع: الليله الحاديه والعشرون(21) الأربعاء أبريل 14, 2010 6:15 am | |
|
جائت شهرزاد وجلست بجوار الملك ومعها اختها دنيا زاد لتكمل حديث الامس وقد قالت بلغنى ايها الملك السعيد ذو الراى الرشيد
انه قال جعفر للخليفة عما حدث لنور الدين اما ما كان من امر اخيه شمس الدين انه لما رجع لم يجد أخاه فسأل عنه الخدم، فقالوا له من يوم ما سافرت مع السلطان ركب بغلته وقال أنه متوجه إلى جهة القيلوبية فأغيب يوما أو يومين فإن صدري ضاق ولا يتبعني، منكم أحد. و لم نسمع له خبرا فتشوش خاطر شمس الدين على فراق أخيه ثم طلع وأعلم السلطان بذلك فكتب بطاقات وأرسل بها إلى نوابه في جميع البلاد ونور الدين قطع بلادا بعيدة في مدة غياب أخيه مع السلطان فذهبت الرسل بالمكاتيب ثم عادوا ولم يقفوا له خبر ويئس شمس الدين من أخيه
وقال لقد أغلظت بكلامي من جهة زواج الأولاد فليت ذلك لم يكن وما حصل ذلك إلا من قلة عقلي وعدم تدبيري. ثم بعد مدة يسيرة خطب بنت رجل من تجار مصر وكتب كتابه عليها ودخل بها وما هى الا شهور معدودة وولدت زوجة شمس الدين انثى حسناء وولدت زوجة نور الدين ولد مليح وان كان لذلك مشيئة من الله
فسموه حسنا وفي سابع وصنعوا الولائم وقد كان ان الوزير قد اخذ نور الدين وقال للسلطان انه ابن اخى الذى هو فى مصر وهو شاب وأنا صرت شيخا كبيرا وقل سمعي وعجز تدبيري والقصد يا مولانا السلطان أن تجعله في مرتبتي، فإنه إبن أخي وزوج إبنتي وهو أهل للوزارة لأنه صاحب رأي وتدبير. فنظر السلطان إليه واستحسن رأي الوزير بما أشار عليه من تقديمه في رتبة الوزراء وزاد له الجوامك والجرايات إلى أن إتسع عليه الحال وسار له مراكب تسافر من تحت يده بالمتاجر وغيرها وعمر أملاكا كثيرة وبساتين إلى أن بلغ عمره اربعة اعوام فجاء له بفقيها يقرئه في بيته وأوصاه بتعليمه وحسن تربيته فأقرأه وعلمه فوائد العلم بعد أن حفظ القرآن
وقد رباه الفقيه في قصر أبيه ومن حين نشأته لم يخرج من قصر الوزارة إلى أن أخذه والده الوزير نور الدين يوما من الأيام وألبسه بدلة من أفخر ملبوسه وأركبه بغلة من خيار بغاله وطلع به إلى السلطان ودخل به عليه فنظر الملك حسن بدر الدين بن الوزير نور الدين فانبهر من حسنه
وقال لأبيه لابد أنك تحضره معك في كل يوم فقال سمعا وطاعة ثم عاد الوزير بولده إلى منزله وما زال يطلع به إلى حضرة السلطان في كل يوم إلى أن بلغ الولد من العمر خمسة عشر عاما ثم ضعف والده الوزير نور الدين وتعب تعب شديدا وكان مرض الموت فاحضره وقال له يا ولدي أعلم أن الدنيا دار فناء والآخرة دار بقاء وأريد أن أوصيك وصايا فافهم ما أقول لك وأصغ قلبك إليه وصار يوصيه بحسن عشرة الناس وحسن التدبير. ثم إن نور الدين تذكر أخاه وأوطانه وبلاده وبكى على فرقة الأحباب، وسجت دموعه وقال يا ولدي إسمع قولي فإن لي أخا يسمى شمس الدين، وهو عمك ولكنه وزير بمصر قد فارقته وخرجت على غير رضاه
والقصد أنك تأخذ دوجا من الورق وتكتب ما أمليه عليك فأحضر قرطاسا وصار يكتب فيه كل ما قاله أبوه فأملى عليه جميع ما جرى له من أوله إلى آخره وكتب له تاريخ زواجه ودخوله على بنت الوزير وتاريخ وصوله إلى البصرة واجتماعه بوزيرها. وكتب وصية موثقة ثم قال لولده: إحفظ هذه الوصية فإن ورقتها فيها أصلك وحسبك ونسبك فإن أصابك شئ من الأمور فاقصد مصر واستدل على عمك وسلم عليه وأعلمه أني مت غريبا مشتاقا إليه فأخذ حسن بدر الدين، الرقعة وطواها وخاطها وصار يبكي على أبيه من أجل فراقه وهو صغير وما زال نور الدين يوصي ولده حسن بدر الدين حتى طلعت روحه
فأقام الحزن في بيته وحزن عليه السلطان ودفنوه ولم يزالوا في حزن مدة شهرين، وولده لم يركب ولم يطلع الديوان ولم يقابل السلطان وأقام مكانه بعض الحجاب، وولى السلطان وزيرا مكانه وأمره أن يختم على أماكن نور الدين وعلى عماراته وعلى أملاكه. فنزل الوزير الجديد وأخذ الحجاب وتوجهوا إلى بيت الوزير نور الدين يختمون عليه وكان بين العسكر مملوك من مماليك الوزير نور الدين المتوفي
فلم يهن عليه ولد سيده فذهب ذلك المملوك إلى حسن بدر الدين فوجده منكس الرأس حزين القلب على فراق والده فأعلمه بما جرى، فقال له هل في الأمر مهلة حتى أدخل فآخذ معي شيئا من الدنيا لأستعين به على الغربة فقال له المملوك أنج بنفسك فلما سمع كلام المملوك غطى رأسه بذيله وخرج ماشيا إلى أن صار خارج المدينة فسمع الناس يقولون أن السلطان أرسل الوزير الجديد إلى بيت الوزير المتوفي ليختم على ماله وأماكنه ويقبض على ولده حسن بدر الدين ويطلع به إليه فيقتله فلما سمع كلام الناس خرج إلى غير مقصد ولم يعلم أين يذهب. فلم يزل سائرا إلى أن ساقته المقادير إلى تربة والده فدخل المقبرة ومشى بين القبور إلى أن جلس عند قبر أبيه وأزل ذيله من فوق رأسه، فبينما هو جالس عند تربة أبيه إذ قدم عليه يهودي من البصرة وقال يا سيدي مالي أراك متغيرا فقال له إني كنت نائما في هذه الساعة، فرأيت أبي يعاتبني على عدم زيارتي قبره فقمت وأنا مرعوب وخفت أن يفوت النهار ولم أزره، فيصعب علي الأمر
فقال له اليهودي يا سيدي إن أباك كان أرسل مراكب تجارة وقدم منها البعض ومرادي أن أشتري منك ما قدمت كل مركب وهو ألف دينار ثم أخرج اليهودي كيسا ممتلئا من الذهب، وعد منه ألف دينار ودفعه إلى حسن إبن الوزير ثم قال اليهودي إكتب لي ورقة واختمها فأخذ حسن إبن الوزير ورقة وكتب فيها كاتب هذه الورقة حسن بدر الدين إبن الوزير نور الدين قد باع اليهودي فلان جميع ما قدمت كل مركب وقد قبض الثمن على سبيل التعجيل. فأخذ اليهودي الورقة وصار حسن يبكي ويتذكر ما كان فيه من العز والإقبال ثم دخل عليه الليل وأدركه النوم فنام عند قبر أبيه واذا بجنيه بالمقابر تطوف على عادتها فرأت عفريتا فقالت له من أين أقبلت قال: من مصر فقالت له هل لك أن تذهب معى حتى تنظر إلى شاب عجيب ينام فى المقابر فقال لها نعم
فسارا حتى نزلا في المقبرة فقالت له هل رأيت في عمرك مثل هذا فنظر العفريت إليه وقال سبحان من لا شبيه له ولكن يا أختي إن أردت حدثتك بما رأيت فقالت له حدثني، فقال لها إني رأيت مثل هذا الشاب في إقليم مصر وهي بنت الوزير وقد علم بها الملك فخطبها من أبيها شمس الدين
فقال له يا مولانا السلطان أقبل عذري وارحم عبرتي وحكى للملك جميع ما جرى بينه وبين اخيه وقال: فأنا لا أزوج بنتي إلا لإبن أخي وقد سمعت أن أخي تزوج بنت وزير البصرة وجاء منها بولد وأنا لا أزوج بنتي إلا له فلما سمع السلطان كلام الوزير غضب غضبا شديدا، وقال له كيف يخطب مثلي من مثلك بنتا فتمنعها منه وتحتج بحجة كاذبة والله لا أزوجها إلا لأقل مني برغم أنفك
وكان عند الملك سائس أحدب فأمر السلطان بإحضاره وكتب كتابه على بنت الوزير بالنهار وأمر أن يدخل عليها في هذه الليلة وقد حجروا على أبيها ومنعوه أن يحضرها وما رأيت يا أختي أقبح من هذا الأحدب فهي أحسن من هذا الشاب. قالت له الجنية كذبت فإن هذا الشاب أحسن أهل زمانه
فرد عليها العفريت وقال والله يا أختي إن الصبية أحسن من هذا وهى الان تتجهز فى حمام مصر للاحدب ولكن لا يصلح لها إلا ذلك الشاب فإنهما مثل بعضهما
فقالت له يا أخي دعنا ننظر أيهما أحسن، فقال العفريت سمعا وطاعة هذا كلام صواب وليس هناك أحسن من هذا الرأي الذي إخترتيه فأنا سأحمله الى مصرثم ننظر فى الامر فحمله وطار به إلى الجو وصارت العفريتة في كل ركابه تحاذيه، إلى أن نزل به في مدينة مصر وحطه على الارض وايقظه
فاستيقظ من النوم فلم يجد نفسه على قبر أبيه في أرض البصرة، والتفت يمينا وشمالا فلم يجد نفسه إلا في مدينة غير مدينة البصرة فأراد أن يصيح
فزمجر العفريت وظهر له وقال اعلم انى انا الذى جئت بك الى هنا
وهنا ادرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح
ولكم التحية
يتبع
| |
|