لما اقبل الليل جلست شهرزاد لتكمل حديثها لمليكها شهريار .
وتخبره عما حث من الوزيرين وانيس الجليس وقد قالت بلغنى ايها الملك
السعيد ذو الراى الرشيد : انه لما اخذ العهد
على الجارية بان لا تنظر
لابنه وهواه لما يعلمه من فساد ابنه فقالت له :السمع والطاعة ثم تركها
وانصرف
وما هى الا ايام قلائل وجاء الولد الى القصر ووجد الجارية فلما وجد
مالها من حسن اذ يروادها ولكن هى كانت تمتثل
لقول وعهدها مع ابيه الوزير
الفضل
فعجب بذلك ابنه وعندما استعصى عليه الامر اخذ يفاتحها بالزواج به
فقالت اما تعلم انى جارية وهدية للسلطان فقال لها
مالنا وبالسلطان اذا
كنتى تهوينى فسافعل اى شيئ لانول رضاكى فقالت له ياسيدى لا تظلمنى معك وقد
حذرنى والدك من
خداعك وكذبك على جوارى وبنات الملوك
فقال لها نعم اعلم ذلك ولكن انتى ما اريد فجاوبته فى ما يريد وابدت
له حبها له واستمروا فى ذلك مدة ايام حتى رجع
الواد الوزير الفضل من سفر
كان فيه واتفق ذلك اليوم بان الشيطان دخل بين ابنه والجارية وبات ليلته
معه
وما كان منه عندما سمع بوجود والده الا انه هرب من القصر خوفا من ان يقتله اذا علم الخبر
وذهبت انيس الجليس الى سيدتها زوجة الوزير تبكى فقالت لها: ما الخبر؟
فقالت لها كل ما جرى بينها وبين ابنها
فصرخت زوجة الوزير بوجهها
وإذا بالوزير دخل وسأل عن الخبر فقالت له زوجته:استحلفك بالله ان لا تفعل شيئ اذا اخبرتك
قال لها: او قد اقلقتينى ماذا حدث فأخبرته بما فعله ولده فاحمر وجه
واقسم بقتل والده وحزن حزنا شديدا فقالت له
زوجته: أنا أعطيك من مالي عشرة
آلاف دينار ثمنها وكان لم يحدث شيئ ولم تاتى بها فعند ذلك رفع رأسه إليها
وقال
لها: ويلك أنا ما لي حاجة بثمنها ولكن خوفي أن تذهب روحي ومالي فقالت
له: وما سبب ذلك؟
فقال لها: أما تعلمين أن وراءنا هذا العدو الذي يقال له: المعين بن
ساوي، ومتى سمع هذا الأمر تقدم إلى السلطان وقال
له: إن وزيرك الذي تزعم
أنه يحبك أخذ منك عشرة آلاف دينار واشترى بها جارية ما رأى أحد مثلها فلما
أعجبته قال
لابنه: خذها أنت أحق بها من السلطان ولو قال له الملك تكذب
فسيستاذن الملك بان يهجم على الدار ويأخذ الجارية
ويحضرها بين يدي السلطان
ثم يسألها فلا تقدر أن تنكر فيقول له يا سيدي أنت تعلم أني ناصح لك ولكن
ما لي عندكم
حظ
فيمثل بي السلطان والناس يتفرجون وفى النهاية اشنق او تقطع رقبتى
فقالت له زوجته: لا تعلم أحد وسلم أمرك إلى الله في هذه القضية فعند ذلك سكن قلب الوزير وطاب خاطره.
هذا ما كان من أمر الوزير، وأما ما كان من أمر علي نور الدين فإنه خاف
عاقبة الأمر فكان يقضي نهاره في البساتين
ولا يأتي إلا في آخر الليل ويدخل
من احد الابواب السرية للقصر فينام ويقوم فى الصباح حتى لايراه أحد ولم
يزل كذلك
شهراً وهو لم ير وجه أبيه، فقالت أمه لأبيه: هل ستعدم الجارية
وتعدم الولد، فإن طال هذا الأمر على الولد هج، قال لها:
وكيف العمل؟ قالت:
أسهر هذه الليلة فإذا جاء فأمسكه واصطلح أنت وإياه وأعطه الجارية إنها
تحبه وهو يحبها وأعطيك
ثمنها
فسهر الوزير طول الليل فلما أتى ولده أمسكه وأراد نحره فأدركته أمه
وقالت له: أي شيء تريد أن تفعل معه؟ فقال لها:
أريد أن أذبحه فقال الولد
لأبيه: هل أهون عليك؟ فتغرغرت عيناه بالدموع وقال له: يا ولدي كيف هان
عليك ذهاب مالي
وروحي؟ ثم ربط على صدر ولده وأشفق عليه وقام الصبي وقبل يد
والده فقال: يا ولدي لو علمت أنك تنصف أنيس
الجليس كنت وهبتها لك
فقال يا والدي كيف لا أنصفها قال: أوصيك يا ولدي أنك لا تتزوج عليها
ولا تضاررها ولا تبعها، قال له: يا والدي أنا
أحلف لك أن لا أتزوج عليها،
ولا أبيعها ثم حلف له أيماناً على ما ذكر ودخل على الجارية فأقام معها
سنة، وأنسى الله
تعالى الملك قصة الجارية. وأما المعين بن ساوي فإنه بلغه
الخبر ولكنه لم يقدر أن يتكلم لعظم منزلة الوزير عند
السلطان
فلما مضت السنة بلوزير فضل الدين بن خاقان لزم الوساد وطال به
السهاد وتسلسل به الضعف فعند ذلك نادى ولده علي
نور الدين فلما حضر بين
يديه قال له: يا ولدي أن الرزق مقسوم والأجل محتوم ولا بد لكل نسمة من شرب
كأس المنون
وهنا ادرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح
وباتوا متعانقين الى الصباح فلما استيقظ الملك خرج من القصر واحتبك الديوان فولى وعزل ونهى وامر ولما جن الليل
دخل القصر
يتبع